استراتيجية الردع الإسرائيلية المتصاعدة- هيمنة إقليمية أم حرب شاملة؟
المؤلف: طلال صالح بنان11.06.2025

إسرائيل تتخوف من الاستقرار والسلام في المنطقة، وترى فيه تهديداً وجودياً لها، كما أنها لا تستطيع أن تتعايش كدولة طبيعية بين الدول، دون امتلاك تفوق أمني ساحق يميزها عن غيرها. إنها لا تثق في هدوء جيرانها الظاهري، وتخشى "مكرهم" الخفي، ولا تضمن استمرار الدعم المطلق من حلفائها، مهما بلغت قوة نفوذ جماعات الضغط المؤيدة لها، ومهما كان التزام النخب والمؤسسات الغربية بأمنها. لقد استوعبت إسرائيل جيداً من خلال عدوانها الأخير على غزة ومؤخراً على لبنان، حقيقة مؤلمة، وهي أنها لا تستطيع مواجهة أي خطر أو تحدٍ من جيرانها، بالاعتماد فقط على مواردها الذاتية المحدودة، بل هي بحاجة ماسة إلى دعم سياسي وعسكري واقتصادي، وحتى معنوي، من حلفائها الغربيين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية.
ترى النخب السياسية والعسكرية الإسرائيلية، أن إسرائيل، بدون استراتيجية ردع فائقة ومتصاعدة، لن تستطيع البقاء والعيش بأمان في المنطقة، والحفاظ على المكاسب الإقليمية التي حققتها، وتحقيق طموحاتها التوسعية على حساب أمن أراضي جيرانها، واستغلال مواردهم الطبيعية وإمكانات أسواقهم الواسعة، بالإضافة إلى تحقيق "ثاراتها" التاريخية المزعومة معهم.
هذا العدوان الشرس والهمجي الذي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين واللبنانيين، ليس مجرد ردة فعل على أحداث السابع من أكتوبر 2023، ولا تسعى من خلال ارتكاب جرائم حرب بشعة تصل إلى حد الإبادة الجماعية للفلسطينيين، إلى القضاء على المقاومة أو إعادة احتلال غزة والتهديد بفرض سيطرتها على الضفة الغربية والقدس، كما تدعي. بل إن هدفها الحقيقي هو استعادة تفوقها الأمني الساحق، لفرض ردع مستدام ومتطور من خلال تصعيد العنف تدريجياً، حتى تتمكن من فرض هيمنتها الإقليمية في المنطقة، وضمان "سلام" مزعوم قائم على تفوقها الاستراتيجي المطلق على المنطقة بأسرها، من جنوب هضبة الأناضول شمالاً، إلى جنوب بادية الشام وشمال شبه الجزيرة العربية جنوباً، وشرق ضفة النيل من الدلتا بطول ساحل البحر الأحمر، ومن شرق السويس إلى الفرات. إنه مشروع توسعي طموح وخطير، لن يتحقق إلا إذا امتلكت إسرائيل إمكانيات ردع حقيقية، تقليدية وغير تقليدية، قادرة من خلال حركتها المرنة والمتصاعدة، على مواجهة أي تحديات من جيرانها الاستراتيجيين.
من هنا، يمكننا أن نفهم إصرار حكومة نتنياهو المتطرفة على استمرار الحرب، حتى استسلام المقاومة الفلسطينية الباسلة في غزة واحتلالها وإعادة الاستيطان فيها، وإجبار المقاومة اللبنانية الشريفة على الانسحاب إلى ما وراء نهر الأولي شمالاً. لذلك، فإن ما نراه من همجية مفرطة واستخدام للقوة الغاشمة ضد المدنيين الأبرياء في غزة وجنوب لبنان والضفة الغربية، ما هو إلا محاولة يائسة لاستعادة إسرائيل لقدراتها الردعية التي كانت تتمتع بها قبل أحداث السابع من أكتوبر 2023، مدعومة بتصعيد تدريجي وممنهج للعنف. ففي ذلك اليوم، تم تحدي قواعد الردع التي أرستها إسرائيل كاستراتيجية أمنية، والتي استطاعت من خلالها أن تخدع جيرانها وتعطيهم انطباعاً زائفاً بتميز أوضاعها الآمنة، والقبول بحالة الردع (التقليدية) التي فرضتها على المنطقة لما يقرب من نصف قرن.
الرسالة التي تريد إسرائيل توجيهها من خلال جرائم الحرب المروعة التي ترتكبها ضد الفلسطينيين واللبنانيين، هي في الأساس رسالة موجهة إلى جيرانها العرب، وليست بالضرورة مجرد محاولة لكسب الحرب في غزة وتحقيق طموحات فرض السيطرة على الضفة الغربية والقدس، أو تأمين حدودها الشمالية مع سوريا ولبنان. إنها تريد من خلال هذا العدوان الغاشم على جبهتي فلسطين ولبنان، أن تبعث برسالة واضحة وقوية إلى جيرانها العرب، مفادها أن أي محاولة لمقاومة خططها التوسعية وأطماعها للهيمنة الإقليمية على المنطقة، ستواجه بلا تردد ولا رحمة، بإمكانيات ردع متصاعدة، لا يمكنهم مواجهتها، حتى لو تكاتفوا وتحدوا. وأن أي محاولة لاختبار قدراتها الردعية، ستُواجه برد فعل عنيف يتجاوز قواعد الردع الأولية (التقليدية)، بمحدودية نطاقها، وبحركة عنف مروعة تفوق قدرتهم على التحمل، وتتجاوز استهداف قدراتهم العسكرية، لتصل إلى إحداث حالة من الرعب والهلع تصل إلى درجة التدمير الشامل للبنى التحتية للمدن العربية، وإلحاق أضرار جسيمة بالشعوب، لا تستطيع الحكومات تحملها.
إذا نجحت استراتيجية الردع المتصاعد في الحرب على غزة ولبنان، فلن يكون هناك سبيل لوقف استراتيجية التوسع الإسرائيلية، وستصبح المنطقة مرشحة لأن تكون ساحة لحرب عالمية شاملة، لأن المنطقة التي تسعى إسرائيل للتوسع فيها، ليست ذات أهمية استراتيجية لدولها وشعوبها فحسب، بل هي ضرورية أيضاً لاستقرار النظام الدولي وأمنه والسلام على كوكب الأرض بأكمله. هذه المنطقة تعتبر من الناحية الاستراتيجية قلب العالم، ومن يسيطر عليها يسيطر على العالم بأسره، فما بالك إذا كانت إسرائيل هي من تتحكم فيها؟
إسرائيل هي بمثابة سرطان "جيوسياسي" نشط وخبيث، يجب إيقافه عند حده، وإلا فلنقرأ الفاتحة على سلام العالم وأمنه واستقراره.
ترى النخب السياسية والعسكرية الإسرائيلية، أن إسرائيل، بدون استراتيجية ردع فائقة ومتصاعدة، لن تستطيع البقاء والعيش بأمان في المنطقة، والحفاظ على المكاسب الإقليمية التي حققتها، وتحقيق طموحاتها التوسعية على حساب أمن أراضي جيرانها، واستغلال مواردهم الطبيعية وإمكانات أسواقهم الواسعة، بالإضافة إلى تحقيق "ثاراتها" التاريخية المزعومة معهم.
هذا العدوان الشرس والهمجي الذي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين واللبنانيين، ليس مجرد ردة فعل على أحداث السابع من أكتوبر 2023، ولا تسعى من خلال ارتكاب جرائم حرب بشعة تصل إلى حد الإبادة الجماعية للفلسطينيين، إلى القضاء على المقاومة أو إعادة احتلال غزة والتهديد بفرض سيطرتها على الضفة الغربية والقدس، كما تدعي. بل إن هدفها الحقيقي هو استعادة تفوقها الأمني الساحق، لفرض ردع مستدام ومتطور من خلال تصعيد العنف تدريجياً، حتى تتمكن من فرض هيمنتها الإقليمية في المنطقة، وضمان "سلام" مزعوم قائم على تفوقها الاستراتيجي المطلق على المنطقة بأسرها، من جنوب هضبة الأناضول شمالاً، إلى جنوب بادية الشام وشمال شبه الجزيرة العربية جنوباً، وشرق ضفة النيل من الدلتا بطول ساحل البحر الأحمر، ومن شرق السويس إلى الفرات. إنه مشروع توسعي طموح وخطير، لن يتحقق إلا إذا امتلكت إسرائيل إمكانيات ردع حقيقية، تقليدية وغير تقليدية، قادرة من خلال حركتها المرنة والمتصاعدة، على مواجهة أي تحديات من جيرانها الاستراتيجيين.
من هنا، يمكننا أن نفهم إصرار حكومة نتنياهو المتطرفة على استمرار الحرب، حتى استسلام المقاومة الفلسطينية الباسلة في غزة واحتلالها وإعادة الاستيطان فيها، وإجبار المقاومة اللبنانية الشريفة على الانسحاب إلى ما وراء نهر الأولي شمالاً. لذلك، فإن ما نراه من همجية مفرطة واستخدام للقوة الغاشمة ضد المدنيين الأبرياء في غزة وجنوب لبنان والضفة الغربية، ما هو إلا محاولة يائسة لاستعادة إسرائيل لقدراتها الردعية التي كانت تتمتع بها قبل أحداث السابع من أكتوبر 2023، مدعومة بتصعيد تدريجي وممنهج للعنف. ففي ذلك اليوم، تم تحدي قواعد الردع التي أرستها إسرائيل كاستراتيجية أمنية، والتي استطاعت من خلالها أن تخدع جيرانها وتعطيهم انطباعاً زائفاً بتميز أوضاعها الآمنة، والقبول بحالة الردع (التقليدية) التي فرضتها على المنطقة لما يقرب من نصف قرن.
الرسالة التي تريد إسرائيل توجيهها من خلال جرائم الحرب المروعة التي ترتكبها ضد الفلسطينيين واللبنانيين، هي في الأساس رسالة موجهة إلى جيرانها العرب، وليست بالضرورة مجرد محاولة لكسب الحرب في غزة وتحقيق طموحات فرض السيطرة على الضفة الغربية والقدس، أو تأمين حدودها الشمالية مع سوريا ولبنان. إنها تريد من خلال هذا العدوان الغاشم على جبهتي فلسطين ولبنان، أن تبعث برسالة واضحة وقوية إلى جيرانها العرب، مفادها أن أي محاولة لمقاومة خططها التوسعية وأطماعها للهيمنة الإقليمية على المنطقة، ستواجه بلا تردد ولا رحمة، بإمكانيات ردع متصاعدة، لا يمكنهم مواجهتها، حتى لو تكاتفوا وتحدوا. وأن أي محاولة لاختبار قدراتها الردعية، ستُواجه برد فعل عنيف يتجاوز قواعد الردع الأولية (التقليدية)، بمحدودية نطاقها، وبحركة عنف مروعة تفوق قدرتهم على التحمل، وتتجاوز استهداف قدراتهم العسكرية، لتصل إلى إحداث حالة من الرعب والهلع تصل إلى درجة التدمير الشامل للبنى التحتية للمدن العربية، وإلحاق أضرار جسيمة بالشعوب، لا تستطيع الحكومات تحملها.
إذا نجحت استراتيجية الردع المتصاعد في الحرب على غزة ولبنان، فلن يكون هناك سبيل لوقف استراتيجية التوسع الإسرائيلية، وستصبح المنطقة مرشحة لأن تكون ساحة لحرب عالمية شاملة، لأن المنطقة التي تسعى إسرائيل للتوسع فيها، ليست ذات أهمية استراتيجية لدولها وشعوبها فحسب، بل هي ضرورية أيضاً لاستقرار النظام الدولي وأمنه والسلام على كوكب الأرض بأكمله. هذه المنطقة تعتبر من الناحية الاستراتيجية قلب العالم، ومن يسيطر عليها يسيطر على العالم بأسره، فما بالك إذا كانت إسرائيل هي من تتحكم فيها؟
إسرائيل هي بمثابة سرطان "جيوسياسي" نشط وخبيث، يجب إيقافه عند حده، وإلا فلنقرأ الفاتحة على سلام العالم وأمنه واستقراره.
